
أثارت التوترات الجيوسياسية المتصاعدة بين إسرائيل وإيران اضطرابات في قطاع السياحة المصري، إذ سجلت معدلات إلغاء الحجوزات ما يزيد عن 10% في المتوسط منذ الجمعة الماضية، بحسب 4 من مسؤولي كبريات الشركات العاملة في القطاع بالبلاد لـ”الشرق”، مع شبه توقف في حجز الرحلات الجديدة.
يأتي ذلك في الوقت الذي كانت تأمل فيه الحكومة نمو أعداد السائحين الوافدين إلى مصر بنحو 14% بنهاية العام الجاري لتصل إلى 18 مليون سائح، بحسب ما قاله مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري في يناير الماضي.
قال مسؤول في إحدى الشركات السياحية إنه تم إلغاء أكثر من 10% من الرحلات السياحية الوافدة لمصر من عدد من الأسواق، مشيراً إلى أن هذه النسبة مرشحة للارتفاع الفترة القادمة مع استمرار احتدام الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران.
تسبب الهجمات المتبادلة بين البلدين في إلغاء شركة “مصر للطيران” عدداً من الرحلات الجوية المتجهة إلى بعض من العواصم العربية منها عمان، وبيروت، وأربيل، وبغداد، وفق بيان الشركة الصادر الأحد الماضي. كما أدت إلى تعليق بعض شركات الطيران المحلية والإقليمية رحلاتها إلى مطارات أخرى في المنطقة.
المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، توقع في حديثه مع “الشرق”، أن ينصب التأثير السلبي الأكبر خلال الفترة القادمة على رحلات برامج السياحة الثقافية التي تستهدف زيارة المتاحف والأماكن الأثرية، نظراً لأن هذه الرحلات تتطلب كثرة التنقل والحركة بعكس السياحة الشاطئية التي غالباً ما يظل فيها السائح داخل الفندق أو المنتجع محل إقامته.
ويُعد قطاع السياحة، واحداً من أهم مصادر النقد الأجنبي في البلاد، وقفزت إيرادات مصر السياحية 9% على أساس سنوي خلال 2024 لتسجل مستوى قياسياً جديداً، بلغ 15.3 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي الصادرة في مايو الماضي.
سجلت مصر، التي تُعد إحدى أفضل أماكن قضاء العطلات في الشرق الأوسط بفضل منتجعاتها الشاطئية ورحلاتها البحرية على نهر النيل، زيادة في عدد السياح الوافدين إلى البلاد خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 25%، على أساس سنوي، ليبلغ 3.9 مليون سائح، بحسب وزير السياحة والآثار شريف فتحي لـ”الشرق” في أبريل.
يقول مصطفي خليل، مالك إحدى شركات السياحة، إن نسب الإلغاءات لدى شركته بلغت ما بين 10%و12%، في الوقت الذي يخشى فيه البعض الإلغاء بدون الحصول على تعويض، مشيرا إلى أن الحجوزات الجديدة تراجعت أيضاً بنسب تقترب من 70%.
خليل وهو أيضاً عضو في مجلس الأعمال المصري-الروسي، أضاف لـ”الشرق” أن التحركات جاءت من أسواق في غرب أوروبا، والمغرب وتونس والجزائر، بسبب مخاوف من توسع الصراع، وربما إرباك الحركة الجوية.
وتستهدف مصر الوصول إلى معدل 30 مليون سائح بحلول 2031، وتسعى إلى زيادة الطاقة الفندقية لديها للوصول إلى هذا الهدف.
بدوره، قال محمد أشرف، مدير تطوير أعمال شركة “بلو سكاي” للسياحة، إنه حتى الآن لم تسجل شركته إلغاءات من أسواق في أوروبا، بشكل أساسي من فرنسا وألمانيا والمجر، والتشيك، لكن في المقابل فإنها لم تتلق أي حجوزات جديدة منذ اندلاع الحرب نهاية الأسبوع الماضي، سوى من شرق أوروبا.
رئيس شركة “أمكو للسياحة”، كريم المنباوي، قال إن مبعث القلق الأكبر في الوقت الراهن يتمثل في انعدام الحجوزات الجديدة، مشيراً إلى أن هناك بعض الإلغاءات التي شملت برامج سياحية مشتركة كانت تضم إسرائيل والأردن، لافتاً إلى أن عدم وجود بوادر على تهدئة الأوضاع سيؤدي إلى ارتفاع معدل الإلغاء، وتوقف تام للحجوزات الجديدة.
حفز انتعاش السياحة الحكومة على إطلاق مبادرة بقيمة 50 مليار جنيه في أكتوبر الماضي لدعم الشركات العاملة في القطاع بهدف زيادة عدد الغرف الفندقية، بسعر فائدة متناقصة قدرها 12%.
عاطف عبداللطيف، عضو جمعية مستثمري السياحة بجنوب سيناء، قال لـ”الشرق”، إن هناك تباطؤا نسبياً في الحجوزات الجديدة نتيجة لهيمنة حالة الترقب، مشيراً إلى أن نسب الإشغال في منطقة البحر الأحمر لا تزال قوية، حيث تتراوح في الغردقة بين 80% إلى 85%، وفي مرسى علم بين 70% إلى 80%، بينما تصل في شرم الشيخ إلى نحو 55% إلى 60%.
عبداللطيف أبدى في الوقت ذاته تفاؤله بشأن الأوضاع مستقبلاً، متوقعاً أن يكون أي تراجع محتمل في النشاط السياحي محدوداً.
صمد قطاع السياحة في مصر أمام الحرب بين إسرائيل وحماس على حدود البلاد الشرقية الشمالية، وثلاث سنوات من الصراع بين روسيا وأوكرانيا، الدولتان اللتان كان مواطنوهما يشكلون ذات يوم نسبة كبيرة من الزوار لمصر.
“هناك تباطؤ في الحجوزات الجديدة، في فترة الصيف غالباً تتركز السياحة الوافدة لمصر في الدول العربية، والخليجية، ودول أوروبا الشرقية، وإيطاليا، وفرنسا، وألمانيا، وفي ظل عدم وجود أي موانع على السفر إلى مصر، فمعدلات الطيران تبدو طبيعية”، بحسب عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية، حسام هزاع.
وذكر أنه كان من المتوقع حدوث طفرة ملحوظة في السياحة الوافدة لمصر خلال فترة افتتاح المتحف المصري الكبير، ولكن إرجاء موعد الافتتاح إلى نهاية العام سيؤثر على معدلات تدفق الزائرين.